هل الصرخة تؤلم الصارخ أم المصروخ في وجهه؟


كثيرة هي المرات التي استعمل فيها الأمن المغربي القوة لتفريق المتظاهرين على اختلاف مطالبهم سواء كانت سياسية أو اجتماعية ، فمنذ بزوغ فجر الربيع الديموقراطي، كثرت الاحتجاجات في المغرب فمنها ما اتخذ طابعا سياسيا كما هو الشأن عند حركة 20 فبراير التي تطالب بإصلاحات سياسية عميقة ، و منها ما اتخذ طابعا اجتماعيا محضا و هنا تتعدد الأمثلة حيث خرج الأساتذة و الأطباء و الممرضون و المعطلون و المعاقون و فئات أخرى لا يتسع المجال لذكرها . و طبعا القاسم المشترك بين كل الفئات التي خرجت إلى الشارع هو تحسين الوضعية المعيشية .
فالمغرب كما هو معلوم يعيش على تناقضات صارخة حيث فئة قليلة من المغاربة تتمتع بالنصيب الأكبر من خيرات البلد بينما تعيش الغالبية العظمى على الهامش ، هذا الوضع غير الطبيعي هو الذي أجج حدة الاحتجاجات و العامل الذي أسهم بشكل كبير في وعي المغاربة بحقوقهم هو الانتفاضات الشعبية التي حدثت في دول أخرى التي  كسرت حاجز الخوف لدى الشعوب .
و قد قابل هذه الاحتجاجات عنف غير مبرر من قبل قوات الأمن المغربية التي أفرطت في استعمال القوة ضد المحتجين و في كل مرة تتناقل المواقع الالكترونية و القنوات الإعلامية لمشاهد هذا العنف، لكن ما يجعلني لا أفهم هذا التوجه الذي اختاره مسؤولونا هو أنا المغاربة في غالب الأحيان ينظمون مسيرات و وقفات سلمية تخلو من التخريب و العنف إلا في بعض الحالات الاستثنائية ، و المبرر الوحيد الذي أجده لهؤلاء الذين يعطون الأوامر بممارسة العنف على المواطنين هو أنهم يتألمون بشدة عندما يصرخ المغربي في وجوههم . و هنا أتساءل هل الصرخة تؤلم الصارخ أم المصروخ في وجهه ؟
المقاربة الأمنية التي تنهجها الدولة لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية لن تزيد الأمر إلا سوءا . أيها المسؤولون ارحموا أبناء الشعب . يكفي أننا حرمنا من خيرات البلد ، فلا تصادروا حقنا في التعبير و الاحتجاج . خذو الأموال ، ضعوها في بنوك سويسرا ، اقضوا عطلكم في البرازيل و دبي و البهاماس ، فقط اتركونا نحتج و نصرخ لنشفي الغليل . فالصراخ كما ثبت علميا مهم لراحة النفس . نحن مرضى نفسيا ب "الفقسة" فدعونا نعبر قبل أن ننفجر .
عزالدين عيساوي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرياضة تهذيب للنفوس قبل الفوز بالكؤوس

العلمانية لا مكان لها بيننا

حركة 20 فبراير تكرس الاستثناء