العلمانية لا مكان لها بيننا

   العلمانية ترجمة خاطئة للفظ   Secularism الإنجليزي أو la laicité  الفرنسي  و التي تعني اللادينية ، ورد في معجم Cambridge  أن لفظ secularism  يعني " الاعتقاد بأن الدين يبنغي أن يبعد عن الحياة الاجتماعية و السياسية للدولة ". secularism : the belief that religion should not be involved with the ordinary social and political activities of a country. و هناك مصطلح إنجيلزي يبين بوضوح هذا المعنى و هو  secular : not having any connection with religion.  ومعناه ما لا تربطه أي علاقة بالدين . أما لفظ la laicité  الوارد في معجم  Le Robert Collège  فيعني " مبدأ فصل المجتمع المدني عن المجتمع الديني " و معناه إقامة مجتمع مدني لا يمت إلى الدين بصلة. و إليكم المصطلح كما ورد في المعجم : laicité : principe de séparation de la société civile et de la société religieuse. . و بطبيعة الحال هذه المصطلحات ظهرت في أوروبا لأن الكنيسة كانت تحتكر كل شيء و تضطهد العلماء و تستغل الناس البسطاء لكي تجني الأموال الطائلة مما سبب صراعا أليما بين الكنيسة و أرباب الفكر الذين تبنوا الفكر اللاديني للتخلص من هيمنة الكنيسة و قيودها . لكن هذه الظروف التي نشأ فيها التيار اللاديني في أوروبا غير موجودة ألبتة في مجتمعنا الإسلامي حيث على النقيض من ذلك الدين الإسلامي الحنيف يحث على العلم و المعرفة و لا يضع قيودا لذلك. و هناك أدلة كثيرة تبين تشجيع الإسلام للقراءة و العلم ، حيث يقول الله جل و علا في مستهل سورة العلق : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ). و يقول تعالى في الحظ على التدبر و التفكر : ( قل انظروا ماذا في السماوات و الأرض ) سورة يونس : الآية 101 ، ولم يقتصر الإسلام على الحث على العلم بل جعله فريضة على كل مسلم ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " . كما أن العبادة في الإسلام تكون بين الإنسان و ربه و لا أحد يتوسط لك لكي يغفر الله لك حيث يقول الله سبحانه و تعالى :     ( و إذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعان ، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) . إذن قوتنا تكمن في تشبثنا بالدين الحنيف الذي هو عصمة أمرنا لكي نبني دنيانا و في نفس الوقت نعمل على ربح الثواب و الأجر لنعيش السعادة الأخروية . إذن أحبابي لا تغرنكم المظاهر المادية التي تغري بل ابجثوا عن الأسباب الحقيقية رواء تخلف مجتمعاتنا بدل استنساخ تجارب الآخرين.

لا أحد يجادل في كون الغرب متفوق علينا ماديا حيث أبدع و أنشأ حضارة مادية متقدمة  جدا و نحن نعتبر عالة عليه في هذا المجال، لكن تقدم الأمم لا يقاس فقط بما هو مادي بل هناك معطيات أخلاقية و ثقافية نستطيع بها أن نقيس تقدم الأمم . التخلف الذي تعيشه الأمة ليس نابعا من كونها تمسكت بدينها بل على النقيض من ذلك هو منبثق من ابتعادننا عن ديننا الحنيف و تشكيكنا في عقائده و شرائعه، فلا أحد في العالم يستطيع أن يثبت أن التخلف التي نرزح تحت نيرانه سببه الدين . التخلف الذي عاشت أوروبا في القرون الوسطى مرده إلى الأغلال التي فرضتها الكنيسة على الناس و على العلم و احتكارها لشتى مناحي الحياة بطريقة سلطوية تهدف إلى الاستغلال بدل تطوير الإنسان، أما المسلمون في تلك الفترة فكانوا أسياد العالم ، حيث برعوا في جميع الصعد . إذن محاولة البعض استيراد التجارب الأجنبية و إسقاطها على واقعنا محض مغامرة و تكلف لا ينفع الأمة في شيء بل سيؤدي إلى تشتتها  و إثارة الانقسامات الفكرية بين أبنائها . و الملاحظ أننا بدأنا نحصد نتائج البذور السيئة التي زرعها ما يسمى بالعلمانيون في المجتمع المسلم حيث أصبحنا نضيع الجهود في نبذ الخلافات بدل استغلالها في البناء و التشييد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرياضة تهذيب للنفوس قبل الفوز بالكؤوس

حركة 20 فبراير تكرس الاستثناء