هل المغرب يملك مشروعا تنمويا ؟


فئة عريضة من الشعب المغربي لم تستفد من خيرات المملكة لحد الآن ، حيث إما تشتغل في زراعة القنب الهندي كما هو حال أغلب سكان المناطق الشمالية أو تمتهن التهريب سواء عبر تهريب السلع الاسبانية من خلال بوابتي سبتة و مليلية ، أو تهريب السلع الغذائية و الوقود عبر الحدود مع الجزائر، و في كثير من الأحيان يكون التهريب مرتبطا بتجارة المخدرات سواء الحشيش أو حتى المخدرات القوية مثل الكوكاين و الهروين التي بدأت تتنتشر كالنار في الهشيم في أوساط الشباب المغربي ، و قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى المتاجرة بالأعراض لكسب الأموال، حيث تلجأ بعض النسوة إلى عرض أنفسهن في الشوارع مقابل الحصول على مبلغ مالي يسد رمقهن  ، و أخطر ما في تجارة الجنس هو الزج بالأطفال الأبرياء في أتون هذا الجحيم ، فالعديد من الأسر المغربية الفقيرة تدفع بأبنائها إلى ممارسة الجنس مع سياح أجانب همهم الوحيد هو إشباع نزواتهم حتى ولو كانت على حساب الطفولة البريئة و قد كشفت بعض التقارير التي أنجزت مؤخرا من قبل منظمات دولية تهتم بالطفولة أن مدينة مراكش أصبحت قبلة لمن يود ممارسة الجنس مع الأطفال . و هناك من ضاقت به أرض الوطن و لجأ إلى الخارج للبحث عن لقمة العيش كما هو حال جل مناطق المملكة، و هؤلاء المهاجرون المغاربة يساهمون بشكل كبير في تحسين الوضعية المعيشية لأهاليهم عبر آلية التكافل الاجتماعي .
طبعا نحن نتحدث عن بعض  المصادر التي يستمد منها المواطن المغربي قوت يومه و لا يمكننا بأي حال من الأحوال حصر كل تلك المصادر لأن الهدف من الموضوع هو تنبيه الفاعلين السياسيين إلى خطورة هذا الوضع التنموي الهش.
 إذن أمام هذا الوضع، عن أي تنمية نتحدث ؟ و هل الحكومات المتعاقبة على تسيير الدولة المغربية  استطاعت أن تبني مشروعا تنمويا يحفظ كرامة المواطن المغربي ؟
ماذا استفاد المغاربة من 57 سنة من الاستقلال؟
هذا الأخير الذي كان من المفترض أن يعطي انطلاقة تنموية قوية لبلد دافع عنه أهله بكل شراسة أمام الحملات الاستعمارية المتكررة ، خاصة إذا علمنا أن هذا البلد الذي يقع في منطقة ذات أهمية تجارية واستراتيجية و يطل على 3500 كلم من البحر يملك خيرات متعددة من قبيل الثروة المعدنية الهائلة و أهمها الفوسفاط  و الأراضي الخصبة التي من شأنها تحقيق الاكتفاء الذاتي للمواطن المغربي ، كما أن هناك ثروة بترولية كبيرة تحاول الدولة المغربية غض الطرف عنها و ذلك لأسباب نجهلها.
فرغم كل هذه الإمكانيات الواعدة التي يتوفر عليها المغرب إلا أنها لا تنعكس بشكل إيجابي على حياة المواطن المغربي . حيث تعاني جل مناطق المملكة من فقر في البنيات التحتية الأساسية باستثناء مدن قليلة تحظى بالرعاية و الاهتمام ،  كما تغيب  المشاريع التنموية الكبرى التي باستطاعتها استيعاب  أكبر قدر ممكن من الساكنة النشيطة .
من أجل معالجة هذا الوضع التنموي الهش يجب على أصحاب القرار اتخاذ التدابير التالية :
أولا : تطبيق الجهوية الحقيقية القائمة على منح أبناء كل جهة فرصة  تسيير شؤونهم الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الرياضية  و الاستفادة من الثروات التي تملكها جهتهم ، و ذلك عبر خلق مشاريع كبرى تناسب الإمكانيات المتوفرة في كل جهة .
ثانيا : إنشاء صندوق التضامن  الوطني بين الجهات الذي من شأنه خلق  التوازن التنموي بين الجهات ، فجهات المغرب حسب المشروع الجهوي المزمع تطبيقه متفاوتة بشكل كبير في الإمكانيات و الموارد .
ثالثا :  السعي إلى فك العزلة عن المناطق القروية التي يقطن بها حوالى نصف سكان المغرب  و ذلك  عبر تشييد الطرق و بناء المستشفيات و المدارس بالقرب من الساكنة ، بالإضافة إلى تشجيع الفلاحين عن طريق الدعم المادي و اللوجستيكي. و كذا منحهم حق استغلال بعض أراضي الدولة ، فالملاحظ أن مساحات شاسعة من أراضي الوطن غير مستغلة رغم أنها صالحة للزراعة .
رابعا : تشجيع الاستثمار الذي يعتبر من الأدوات الناجعة لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية  ، و يمكن تحفيز المستثمرين المغاربة و الأجانب عبر تسهيل المساطير القانونية و االتخفيض من الضرائب،  و كذا توفير ضمانات النجاح التي تتجلى في البنيات التحتية المساعدة على خلق المشاريع ، بالإضافة إلى  الحماية الأمنية.
فهناك العديد من الأشياء الممكن القيام بها لتحقيق التنمية المستدامة إن توفرت الإرادة السياسية .
عزالدين عيساوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرياضة تهذيب للنفوس قبل الفوز بالكؤوس

العلمانية لا مكان لها بيننا

حركة 20 فبراير تكرس الاستثناء