من وراء إعدام العمال الأقباط في ليبيا ؟

انتشر مؤخرا فيديو مرعب و صادم يظهر عملية ذبح 21 قبطيا مصريا داخل ليبيا، و قد تبنت مجموعة تنسب نفسها لتنظيم " الدولة " هذا العمل الإجرامي، و قد لاقى هذا الفعل تنديدا و استنكارا على نطاق واسع. لكن السؤال الذي يجب طرحه : من وراء عملية الذبح هذه؟ بل من المستفيد منها أصلا؟
فالرواية الرائجة في الإعلام أن الفاعل هو ما بات يعرف بـ " تنظيم الدولة " الذي يتبنى فهما متشددا للدين، و هذه الرواية لها مصداقيتها على اعتبار أن التنظيم المتشدد قد نفذ عمليات مشابهة. لكن هناك رواية أخرى تشكك في الأولى و تدعي أن العمل مخابراتي بامتياز. فمن نصدق؟ و كيف يمكن فهم الأمور في سياقها الصحيح؟  
إن عملية إعدام الأقباط في ليبيا جاءت ضمن خطة كبيرة تستهدف ليبيا و ثورتها، فمنذ مدة طويلة حاول الغرب تنصيب عملائه (أقصد حفتر و جماعته) ليحكموا ليبيا بعد إسقاط نظام القذافي لكن فشل فشلا ذريعا رغم أن حفتر تلقى دعما عسكريا كبيرا من طرف دول غربية و عربية، و بعد هذا الإخفاق الذي مني به الغرب راح يبحث عن خطة بديلة و هي التدخل العسكري المباشر في ليبيا و لم يكن بالإمكان الإقدام على هذه الخطوة دون وجود ذرائع لذلك، كما أن الغرب لن يدفع بجنوده إلى المحرقة الليبية بل سيرمي في المستنقع بجنود عرب يتقدمهم جنود الطاغوت السيسي.
فالرد السريع الذي قامت به قوات السيسي على عملية الإعدام المشبوهة بقصفها لمواقع الثوار في درنة (طبعا القصــف أدى إلى مقتل مدنيين أبرياء كما أن ثـــوار درنا أكــدوا عدم صـلتهم بحـادث الإعــدام)، و التوقيت الذي جاءت فيه الضربات، الذي يصادف ذكرى ثورة 17 فبراير، يبرز بوضوح أن المستهدف من العملية العسكرية هم ثوار ليبيا و خاصة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين و ليس ما يسمى " تنظيم الدولة"، فالذي يؤكد هذا الكلام هو أن السيسي و أعوانه من الخليجيين متورطون في المستنقع الليبي حتى قبل إعدام العمال الأقباط، و بالتالي فهم يحاولون إيجاد المبررات و الذرائع لتوسيع تدخلهم.
و حتى إن افترضنا أن عملية الإعدام قامت بها عناصر تتبنى فكر ما يعرف ب " تنظيم الدولة " فإن طريقة تنفيذها و السياق الذي جاءت فيه تجعلنا نجزم بنسبة كبيرة أن هذا التنظيم مخترق من طرف مخابرات دول عربية و أجنبية إذ توعز تلك المخابرات إلى عملائها داخل التنظيم بالقيام بعمليات في كل مرة يكون الغرض منها التمهيد لتدخل عسكري أو تهييئ الرأي العام لتقبل فكرة التدخل العسكري خارج البلاد كما حدث في الحالة الأردنية بعد حرق الطيار معاذ الكساسبة.

و أختم بالقول : " إذا حددت المستفيد من أي حادث ستعرف من الفاعل ".

عزالدين عيساوي

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرياضة تهذيب للنفوس قبل الفوز بالكؤوس

العلمانية لا مكان لها بيننا

حركة 20 فبراير تكرس الاستثناء