أي بصمة للمرأة في مجتمعنا؟



لقد عانت المــرأة في مجتمعاتنا من التهميش و القهر و الظلم و شتــى أنـــواع التعنيف الجســــدي و اللفظي طيلة عقود من الزمن، حيث طغت العقلية الذكورية التسلطية التي تخشى من أي دور فاعل للمرأة في المجتمع. لقد كانت المرأة وقتذاك تعيش في جو يطبعه الخوف و التردد. و قد وصل الأمر بالكثير من النساء أنهن كن يهبن حتى الإطلال من شرفة النافذة خوفا من أن يكتشف الزوج الأمر. فالمرأة كانت محرومة من أبسط الأشياء و كأنها ولدت لتشقى و تتعب، بينما كان زوجها المتسلط يسيح في الأرض و يفعل ما يشاء دون حسيب و لا رقيب.
أما اليوم فقد تغير كل شيء، و أصبح للمرأة دورها الفاعل و مساهمتها البناءة في المجتمع، حيث استطاعت المرأة بفضل نضالها المستميت أن تحصل على العديد من المكاسب جعلتها تقتحم مجموعة من الميادين كانت حكرا على الرجال فيما مضى.
لكن رغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها المرأة على مختلف الصعد فإنها بدأت تفقد أنوثتها شيئا فشيئا، حيث صارت تستعبد من جديد عبر أفلام الخلاعة و الإشهارات الهدامة أو عبر خروجها إلى الشارع مستعرضة مفاتنها لمن هب و دب و بلا مقابل ! هل المرأة رضيت أن تكون رخيصة إلى هذه الدرجة ؟ أليس من واجبها صيانة نفسها ؟
 هذا الاستعباد بثوبه الجديد يعيد إلى الأذهان تجارة الرقيق التي كانت مزدهرة في القرون الوسطى. إن المرأة  تتعرض في هذا العصر لأكبر عملية سلخ من هويتها الأنثوية عبر تاريخها. هل المرأة ارتضت هذا الدور ؟ هل المرأة ليست واعية بخطورة هذا المصير الذي يستهدف وجودها كأنثى ؟
إن بصمة المرأة في المجتمع ليست في الخروج إلى العمل من أجل أن يقال عنها أنها تعمل، أو من أجل أن تستقل ماديا، و لا هي في الإكثار من الخروج إلى الشارع و التزين بشتى أنــــواع الزينة و التعطر بأفخر العطور، و إنما بصمتها الحقيقية تتجلى في إعداد الرجال و بناء الأجيال، فالمرأة هي المجتمع كله، فإذا فسدت فهذا دليل على فساد المجتمع و إذا صلحت فهذا يدل على أن المجتمع بخير و يسير في الطريق الصحيح . إنكِ سيدتي مكلفة بصناعة الرجــال فلا تتخــــلي عـــن دوركِ و أخشى أن تهمليه و تصنعي لنا مخنثين !!
المرأة التي تسعى إلى منافسة الرجل و جعله خصما لدودا لن تنجح في حياتها أبدا و ستعيش منعزلة مبتعدة عن هويتها الأنثوية التي فطرها الله عليها. كوني أنثى و كفى، سواء أعملت أم لا ؟ المهم أن تكوني أنثى تتسمين بالحشمة و الوقار، و بالرقة و العطف و الحنان.
يبدو أن الطريقة التي تفكر بها بعض أخواتنا في هذا العصر قد جرت الكثير من البلاء. كيف ترفض فتاة الزواج من شاب يستطيع أن يتحمل المسؤولية بدعوى إكمال الدراسة و الرغبة في الحصول على وظيفة، لكنــــها تقبل إقامـــة علاقــــة غير شرعية مع شاب آخــــــر بدعوى الحب و الرومانسية؟؟ !!
إن المرأة بحاجة إلى إعادة النظر في ما يراد لها، و عليها أن تقف وقفة تأمل لتعيد حساباتها من جديد علها تهتدي إلى حل يخرجها من هذا النفق المظلم الذي سيرت إليه تسييرا و اقتادتها إليه الحركة الماسونية اقتيادا. لقد حان الوقت لكي تثور المرأة في وجه هذا النمط من الحياة الذي فرض عليها قهرا من أجل خدمة أجندات معينة.
نعم لقد آن الأوان لكي تنخرط المـــرأة في عمـــل ثوري جاد يعيد لها كرامتها و إنسانيتها، و يزيح عنها أغلال العبودية الجديدة التي تتغلف بالشعارات البراقة لكنها تخفي وجهها الكالح.
عزالدين عيساوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرياضة تهذيب للنفوس قبل الفوز بالكؤوس

العلمانية لا مكان لها بيننا

حركة 20 فبراير تكرس الاستثناء