ماذا عن الاغتصاب الذي يتعرض له الوطن؟




أثار العفو الملكي عن البيدوفيل الاسباني  - مغتصب الأطفال -  ضجة كبيرة في أوساط المغاربة، حيث خلف ردود أفعال غاضبة بدأت في مواقع التواصل الاجتماعي، و انتقلت إلى تنظيم وقفات احتجاجية للتنديد بهذا العفو الذي مس كرامة المغاربة قاطبة. أهم شيء يمكن أن نستشفه من هذه الهبة الشعبية هو أن الضمير المغربي لا يزال حيا و أن الشعب المغربي لم يعد كما كان في السابق، و بالتالي فعلى النظام القائم في المغرب أن يضرب ألف حساب قبل القيام بأي خطوة متهورة في المستقبل، كما يمكن القول بأن الإصلاح الشامل هو السبيل الأنجع لتفادي الأزمات و الذهاب بالبلاد إلى بر الأمان بعيدا عن الفوضى الخلاقة التي يريد البعض أن يزرعها في الوطن.
لكن هذه الغضبة الشعبية وحدها لا تكفي من أجل اقتلاع جذور الفساد، فهي تدخل أساسا في خانة رد الفعل الذي سرعان ما سيخفت مع مرور الأيام. فإن كان العفو الملكي عن مغتصب الأطفال قد شكل قضية المغاربة في الأيام الماضية، فإننا لا يجب ألبتة أن نغفل عن القضية الجوهرية التي تتجلى في حماية الوطن من الاغتصاب الذي يتعرض له باستمرار دون أن يكون لدينا أي مقاومة أو أي رد فعل لوقف النزيف.
أليس من الأجدى إذن استرجاع كرامة الوطن المهدورة ؟
هذا الوطـــن الذي يتعرض لعملية اغتصــــاب قسرية من طرف جمـــاعة من اللصـــوص و مصاصي دماء الشعب . هذه العصابة، تستغل خيرات الوطن  ، تحتكر أموال الشعب لتخزنها في البنوك الأجنبية و لا مساءلة ، تستغل الإعلام فتبث ما يروق لها و ما يخدم مصلحتها دون مراعاة لمشاعر المغاربة ، عصابة شريرة تقتسم الكعكة في الظلام الدامس بل في وضح النهار ، لا يهمها أن يعيش المغربي بكرامة مادامت هي تعيش في النعيم و لا تجد من يصرخ في وجهها .
هذا الوطن الذي أراد  المفسدون أن يكون مصابا بداء انفصام الشخصية،  فمن جهة نسمع الشعارات الرنانة في قنواتنا التلفزيونية و نجد  الدستور  - على علله الكثيرة – مليء بالقيم السامية التي تسعى إلى حفظ حقوق الإنسان و صون كرامته. و من جهة أخرى، تعمل أجهزة الفساد على دوس كرامة المغربي و العبث بمقدراته تحت ذريعة الحفاظ على الأمن . ذلك الأمن الذي نبحث عنه بشق الأنفس  ليحمينا عندما نتعرض إلى السرقة أو الاعتداء من قبل قطاع الطرق و لا نجده، لكنه يظهر بقوة ليواجه كل من تسول له نفسه أن يصرخ للمطالبة بحقه.
إن العنف الذي واجهت به أجهزة القمع المواطنين الرافضين للعفو يكشف عن العقلية الأمنية التي يفكر بها النظام القائم في المغرب، هذه العقلية التي لا تتعايش مع الديموقراطية، حيث  تخشى من مناخ الحرية و لا تريد من المغاربة أن يعبروا عن آرائهم و عن اختيارتهم. 

عزالدين عيساوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرياضة تهذيب للنفوس قبل الفوز بالكؤوس

العلمانية لا مكان لها بيننا

حركة 20 فبراير تكرس الاستثناء