علاقة الأستاذ بالتلميذ في المدرسة المغربية


أثيرت مؤخرا ضجة كبيرة في مدينة بركان حول أستاذ يشتم التلاميذ بأقبح الألفاظ و يتصرف بطريقة لا أخلاقية داخل الفصل ، و أجمع الكل  على إدانته و ضرورة إبعاده عن القسم.   
و أنا بدوري أندد بتصرفات الأستاذ المعني و أطالب بإعفاءه من التدريس ليكون عبرة لمن يعتبر. لكن في نفس الوقت أتساءل كم أستاذا يتصرف بنفس الطريقة في مؤسساتنا التعليمية ؟ هل تصرفات الأستاذ المذكور حالة منفردة أم هي ظاهرة متفشية ؟ بطبيعة الحال تجربتي تلميذا بإعدادية القدس بمدينة بركان  تفيد أن هذه التصرفات المشينة ظاهرة مستفحلة عند بعض الأساتذة ، فمنهم من كان يأتي سكرانا إلى الفصل ، و آخر يشبعنا سبا و شتما ، و آخر يتحرش بالفتيات ، و ما خفي كان أعظم . لكن السؤال الذي يطرح نفسه بحدة هو : إذا كنا نلوم هؤلاء الأساتذة باعتبارهم طرفا في العملية التعلمية ألا يجب لوم التلاميذ ذوي الأخلاق السيئة أيضا باعتبارهم طرفا في المعادلة ووضع قوانين و على الأخص تطبيقها  لزجرهم  ؟ بعض التلاميذ كانوا يدخلون إلى الأقسام في حالة سكر ، و آخرون يلقون بالبيض على أستاذ الرياضيات و هو يشرح الدرس ، بل منهم من كان يسب الأستاذ علنا، و قد وصل الأمر إلى الضرب في مرات كثيرة  . إذن أمام هذا الوضع يبدو أننا في معادلة خاطئة حيث يعاقب الأستاذ لكن التلميذ ملاك و لا يعاقب. أليس من حق الأستاذ طرد التلميذ من الفصل إذا عرقل سير الدرس؟ طبعا علاقة الأستاذ بالتلميذ تبقى غامضة في ظل منظومتنا التربوية الفاشلة و في ظل القوانين البالية التي تنصر طرفا و تهضم حقوق آخرين . ثم المشكل الذي حصل للأستاذ يمكن قراءته من زواية المجتمع الذي أصبح ينتج المجرمين بدلا من المواطنين الصالحين  . إعلامنا يعلم الفتيان و الفتيات كيف يتفنون في الحب و تبادل القبل في إطار المسلسلات الغرامية التي يبثها ، برامجنا أصحبت ورشة لتعلم طرق ارتكاب الجريمة. و الشيء الأخطر هو أن المؤسسات التعليمية أصبحت وكرا للدعارة و الفساد و بيع المخدرات ، فيما الأمن غائب تماما . كم تلميذة تعرضت إلى الاعتداء و التحرش ؟ كم تلميذا سرقت منه أشياء تحت التهديد بالسلاح الأبيض ؟  لماذا لا يغضب آباء و أولياء التلاميذ  من التلفزة المغربية المليئة بالألفاظ الخادشة للحياء و من المشاهد المثيرة للإغراء ؟ أم هو فقط استعراض عضلات على أستاذ ارتكب خطأ ؟ أقول في الأخير أن المسؤولية فيما حصل يتحملها الجميع من تلاميذ و أساتذة و آباء و أمهات و جمعيات المجتمع المدني  و إعلام رسمي ، و كل أبناء الوطن صغيرهم و كبيرهم.
عزالدين عيساوي

تعليقات

  1. السلام عليكم أريد أن أندد بأنك أستاذي و نعم الأستاذ و أنا أفتخر بأني درست على يدك و تخرجت و الحمد لله و أتمنى لك التوفيق يا أستاذي و الذي لطالما عاملنا كأب و أخ و حافظ على طريقتك في الإلقاء وتواضعك الذي لطالما عودتنا عليه ولن أنساك بدعائي و نحن في مشارف رمضان

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قاطعت التصويت على الدستور؟

تبريرات واهية لخذلان الثورة السورية !

ملاحظات حول العمل الجمعوي في المغرب