كيف سيتعامل النظام مع حزب العدالة و التنمية في المرحلة المقبلة؟

لا شك أن المتتبع للمشهد السياسي في المغرب يلحظ نوعا من التدافع و الصراع المعلن أحيانا و الخفي في كثير من الأحيان بين حزب العدالة و التنمية ذي المرجعية الإسلامية و الذي يسعى في غاياته الكبرى إلى إقامة نظام حكم ينهل من معين الشريعة الإسلامية  من جهة. و بين النظام المغربي القائم على الفساد و الاستبداد و الذي يسعى إلى الحفاظ على مكاسبه من خلال حماية  مصالح الأشخاص و العائلات التي تتحكم في دواليب السياسة و الاقتصاد من جهة أخرى .
و النظام المغربي كغيره من الأنظمة العربية المستبدة يخشى صعود الإسلاميين لأنه يدرك تماما أن تمكن الإسلاميين يعني زواله مستقبلا لأنه مثل الزبد الذي يذهب جفاء.
إذن أمام هذا الوضع، كان لابد للنظام المغربي أن يحاول بشتى السبل لإضعاف الحركة الإسلامية قبل أن تقوى شوكتها و يشتد عودها . فبعد أن كان النظام في السابق ينهج سياسة القمع و الترهيب و الاغتيالات و التصفيات الجسدية و الاعتقالات لقمع مخالفيه، أصبح الأمر اليوم مختلفا في زمن الربيع العربي فلم يعد ذلك الأسلوب القديم يجدي نفعا، فالقمع  و القتل عجل بسقوط ثلاث أنظمة حتى الآن و البقية في الطريق .
فالحل بالنسبة للنظام لإضعاف هذه الحركة أو تلك يكمن في استعمال وسائل حديثة تتمثل في القدرة على احتواء المخالفين و تدجينهم.
و بالنسبة لحزب العدالة و التنمية، فهناك استراتيجيتين يمكن أن يتعامل بإحداهما النظام مع هذا الحزب.
  • الاستراتيجية الأولى  : السعي إلى التأثير على نتائج انتخابات 25 نونبر عبر دعم أحزاب معينة تستعمل المال لشراء الأصوات و عبر التزوير، ما يعني  إقصاء الحزب من الفوز الكاسح ، و هذا الطريق قد  يكون محفوفا بالمخاطر لأن الحزب قد ينتفض في وجه النظام و تكون لانتفاضته عواقب وخيمة تهدد بسقوط النظام ، كما قد يتأكد قادة الحزب من التزوير لكنهم لن يتخذوا موقفا حازما من النظام و سيبررون ذلك بتجنيب البلاد فتنة لا تبقي و لا تذر و هنا يكون النظام قد نجح في تدجينهم و أطال مدة مكوثه مع استمرار الفساد و الاستبداد.
  • الاستراتيجية الثانية :  تنظيم انتخابات حرة و نزيهة ما يعني فوز حزب العدالة و التنمية بالأغلبية المريحة – على اعتبار أنه يمتلك قاعدة شعبية عريضة بالمقارنة مع الأحزاب الأخرى _  و التي ستمكنه من ترأس الحكومة و تحمل المسؤولية ، فالحزب سيوضع على المحك لأول مرة منذ تأسيسه . لكن النظام إذا اختار هذا التوجه فإنه طبعا لن يوفر للحزب مقومات النجاح و الاستمرار بل سيضع العراقيل أمامه حتى يظهر للشعب أنه حزب فاشل و ليس بإمكانه تطوير البلاد وخدمة العباد. و هنا سيفقد الناس ثقتهم في الحزب و سينتصر النظام بطريقة ذكية تسمح باستمراره مدة أطول. لأنه يكون قد بين للشعب أنه أحدث تغييرا مهما و احترم الإرادة الشعبية.
عزالدين عيساوي
znassni.blogspot.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرياضة تهذيب للنفوس قبل الفوز بالكؤوس

العلمانية لا مكان لها بيننا

حركة 20 فبراير تكرس الاستثناء